إجراءات قسمة التركة: دليل شامل للورثة
تُعد قسمة التركة من أكثر الموضوعات حساسية بين أفراد الأسرة، حيث تتعدد الأصول، وتتنوع رغبات الورثة، وتختلف الإجراءات القانونية المطلوبة لإتمام القسمة. وتستهدف هذه المقالة توضيح جميع الإجراءات المرتبطة بقسمة التركة في المملكة العربية السعودية، سواء كانت عقارية أو مالية، وسواء تمت القسمة بشكل رضائي أو قضائي، إضافة إلى بيان أحكام التخارج بين الورثة باعتباره أحد المسارات النظامية الهامة في توزيع التركات.
أولاً: ماهية التركة وأنواع أصولها
تشمل التركة جميع الأموال التي خلفها المتوفى، ومن أبرزها:
- العقارات بجميع أنواعها (مبانٍ، أراضٍ بيضاء أو زراعية أو صحراوية).
- الوحدات السكنية والمحلات التجارية.
- الأسهم والحسابات البنكية.
- الشركات والسجلات التجارية وما تتضمنه من منقولات أو عقارات بالتخصيص.
- المركبات.
- الحقوق لدى الغير، والممتلكات المنقولة ذات القيمة.
ويُعد العقار هو كل ما لا يمكن نقله دون تلف، كما يدخل ضمنه ما خصص لخدمته على نحو دائم.
ثانيًا: تحديد الورثة الشرعيين
يبدأ مسار القسمة بحصر الورثة الذين يستحقون الميراث وفقًا لنظام الأحوال الشخصية. ويتم ذلك من خلال:
- صك حصر الورثة: وهو الوثيقة الأساسية التي تبين أسماء الورثة ودرجات قرابتهم.
- صكوك الولاية على القُصّر إن وُجدوا.
وبهذه الخطوة يتم تحديد من يملك الحق في المشاركة في القسمة.
ثالثًا: المستندات اللازمة قبل بدء القسمة
للبدء في إجراءات التصفية والقسمة يلزم توفير المستندات التالية:
- شهادة الوفاة.
- صك حصر الورثة.
- صكوك الولاية على القُصّر.
- صكوك ملكية العقارات.
- استمارات المركبات.
- كشوف الحسابات البنكية.
- بيانات الأسهم والمحافظ الاستثمارية.
- عقود الشركات والسجلات التجارية.
- صك حصر ورثة لأي وريث توفي لاحقًا.
- وكالات شرعية من جميع الورثة بحسب الصيغة المعدة لذلك.
رابعًا: مراحل وإجراءات قسمة التركة
تمر عملية قسمة التركة بثلاث مراحل رئيسية، بدءًا من الحصر والتقييم، وصولًا إلى نقل الملكيات وتوثيق القسمة.
المرحلة الأولى: حصر التركة وتقييمها
- حصر الورثة المستحقين وفق الوثائق الرسمية.
- حصر موجودات التركة بالكامل وتشمل:
- جميع العقارات.
- الشركات والأسهم.
- الحسابات البنكية والأرصدة.
- المركبات والممتلكات المنقولة.
- الحقوق لدى الغير.
- التواصل مع الجهات الحكومية والمالية لحصر جميع الأصول بدقة.
- تقييم أصول التركة عبر ثلاثة تقييمات من جهات معتمدة للحصول على متوسط عادل.
- حصر الديون والالتزامات وخصمها من التركة قبل توزيعها.
المرحلة الثانية: إجراءات قسمة التركة بين الورثة
تنقسم هذه المرحلة بحسب آلية القسمة إلى مسارين:
(أ) القسمة الرضائية
وهي القسمة بالاتفاق بين جميع الورثة، وتتم عبر الخطوات التالية:
- التواصل مع الورثة وأخذ رغباتهم حول الأصول التي يرغب كل منهم في تملكها.
- تحديد قيمة الأصول وفق التقييمات المعتمدة.
- إعداد تصور مبدئي للقسمة يراعي الأنصبة الشرعية ويحقق التوازن بين رغبات الورثة.
- عرض التصور على الورثة لمناقشته وتعديل ما يلزم.
- صياغة عقود القسمة النهائية وتوقيع الورثة عليها.
- توثيق اتفاق القسمة لدى كتابة العدل ليصبح سندًا رسميًا نافذًا.
(ب) القسمة القضائية
وتتم عند عدم اتفاق الورثة، وتشمل الإجراءات التالية:
- رفع دعوى قسمة تركة لدى محكمة الأحوال الشخصية.
- تحرير الدعوى وبيان:
- اسم المورث وتاريخ وفاته.
- أسماء الورثة.
- بيانات العقار أو التركة.
- قيمتها.
- طلب القسمة.
- إحالة الدعوى للخبراء لبحث إمكانية القسمة العينية دون ضرر.
- إعداد تقرير الخبرة وتمكين الورثة من التعليق عليه.
- قرار القاضي إما بالقسمة العينية أو بيع الأصول في مزاد علني وتوزيع قيمتها.
- إصدار الحكم القضائي ومنح الورثة مدة للاعتراض.
- تنفيذ الحكم بعد اكتسابه الصفة القطعية.
المرحلة الثالثة: الإجراءات النظامية لنقل الملكية
بعد الوصول إلى اتفاق نهائي أو صدور حكم قضائي، تُستكمل الإجراءات التالية:
- نقل ملكيات العقارات لدى كتابات العدل.
- تحديث سجلات الشركات لدى وزارة التجارة.
- نقل ملكيات المركبات لدى المرور.
- إغلاق الحسابات البنكية باسم المتوفى وتوزيع الأرصدة.
- استخراج الصكوك الجديدة باسم الورثة.
- توثيق جميع الإجراءات وفق الاتفاق أو الحكم القضائي.
وتستغرق إجراءات التصفية الكاملة عادة مدة زمنية تُقدّر بحسب حجم التركة وعدد الورثة وتنوع الأصول.
خاتمة
إن إجراءات قسمة التركة تمر بمراحل دقيقة تتطلب توثيقًا كاملاً وتنظيمًا واضحًا بدءًا من حصر الورثة والأصول، مرورًا بتقييم التركة، ثم القسمة سواءً بالتراضي أو عبر القضاء، وانتهاءً بنقل الملكيات رسميًا. كما يتيح النظام آلية التخارج التي تمنح الورثة مرونة إضافية في توزيع التركة.
وضمان اتباع الإجراءات النظامية والشرعية بدقة يحقق العدالة ويحافظ على الروابط الأسرية ويمنع النزاعات.